محمد صديق المنشاوي

9

من منافع الحج وآدابه

الحمد لله الذي جعل بيته الحرام مثابة للناس وأمنا يتجهون إلى شطره أينما كانوا في صلواتهم ويستقبلونه في عباداتهم، وتهوى إليه أفئدتهم، ويلتقون حوله من جميع أقطار الأرض لتتحد كلمتهم، وتعتز أمتهم وتقوم دولتهم والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد، بعثه الله من أرض الحرم إلى كافة الأمم، وأمره بتطهير هذا البيت من كل نجس ورجس - فدخله عام الفتح وفوقه ثلاثمائة وستون صنما فجعل يطعنها بالقضيب ويقول: ﴿ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا  [سورة الإسراء آية 81]
















 فجعلت هذه الأصنام تتهاوى لوجوهها خاسئة ذليلة، ثم أمر بها صلى الله عليه وسلم فأخرجت من المسجد وأحرقت وطهر منها بيت الله. قال تعالى: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [سورة البقرة آية 197] فالحج لغة: القصد إلى الشيء. وشرعا: قصد المسجد الحرام لأداء الحج أو العمرة لله، وكان الحج من ملة إبراهيم الخليل عليه السلام حيث أمره الله ببناء البيت والأذان في الناس بالحج إليه، فالحج عبادة عظيمة وفيه منافع كثيرة، منها غفران الذنوب، كما قال صلى الله عليه وسلم: ) من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ( ومنها شهود المنافع العظيمة التي قال الله عنها: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ﴾ [سورة الحج آية 28] منافع دينية ومنافع دنيوية لا تدخل تحت حصر - ولهذا أجملها الله سبحانه ولم يحددها - ومنها ذكر الله في الأيام المعلومات والأيام المعدودات بالتكبير والتلبية والوقوف بعرفة والمزدلفة وذبح القرابين ورمي الجمار والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة والمبيت بمنى والأكل والشرب من ضيافة الله في أيام التشريق، ومن منافع الحج العظيمة تعارف المسلمين حين التقائهم في تلك البقاع الطاهرة والمشاعر المقدسة في المسجد الحرام وفي صعيد عرفات وساحات مزدلفة وفج منى المبارك، يلتقون في زمن واحد، وفي مكان واحد، لأداء عبادة واحدة، لرب واحد: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [سورة الأنبياء آية 92].
استمر الحج بعد إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام، ولكن مع تطاول الزمن دخله بعض التغيير في عهد الجاهلية، فكانوا يضمنون تلبيتهم الشرك بالله عز وجل حيث يقولون: "لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك"، فجعلوا لله شريكا من عبيده يأنفون ذلك لأنفسهم. فرد الله عليهم بقوله: ﴿ ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ [سورة الروم آية 28] وكانوا يطوفون بالبيت عراة ويرون أن ذلك طاعة أمر الله بها - فرد الله عليهم بقوله: ﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الأعراف آية 28].
وأمر سبحانه باللباس وستر العورة في الصلاة والطواف وغيرهما فقال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [سورة الأعراف آية 31] وكان سكان الحرم لا يقفون مع الناس في عرفة، وإنما يقفون في المزدلفة لأنهم بزعمهم من أهل الحرم ولا يجوز لهم الخروج منه فرد الله عليهم ذلك، وأمر بالوقوف بعرفة لجميع الحجاج فقال سبحانه: ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ ﴾ [سورة البقرة آية 199] فأعاد الله سبحانه الحج كما كان على ملة إبراهيم على يد محمد خاتم النبيين وعلى التوحيد الخالص وباللباس الساتر، والوقوف بالمشاعر، وأعلن صلى الله عليه وسلم للناس قبل أن يحج بقوله: )لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ( عملا بقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ﴾ [سورة التوبة آية 28] وبقوله تعالى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [سورة الحج آية 26] وهكذا يجب أن يكون البيت والحرم دائما وأبدا طاهرا مطهرا من الشرك والبدع؛ ليكون مباءة للتوحيد ومصدرا للعقيدة الصحيحة السليمة إلى سائر بقاع الأرض، فحج صلى الله عليه وسلم في العام العاشر للهجرة بعدما طهر الله بيته من أوزار الشرك وعادات الجاهلية، وبذلك تمت أركان الإسلام وأنزل الله عليه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [الآية 3 / المائدة].
أيها الإخوة: لقد أوجب الله الحج على الناس كافة وحكم بالكفر على من امتنع منه مع قدرته عليه فقال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [سورة آل عمران آية 97] لقد جعله الله أحد أركان الإسلام وخامس مبانيه العظام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ) الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ( وقال صلى الله عليه وسلم: ) بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا (.
وبين صلى الله عليه وسلم أن هذه الفريضة بالنسبة للأفراد تتمثل بأداء الحج مرة واحدة في العمر وما زاد عنها فهو تطوع. وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالحج فقال بعض أصحابه: أكل عام يا رسول الله فقال: ) لا، الحج واحدة فمن زاد فهو تطوع ( فالحج من العبادات العظيمة التي تؤدى جماعة في مواقيت مخصوصة هي أشهر الحج المعلومات، فالصلوات الخمس يتكرر الاجتماع لأدائها في اليوم والليلة خمس مرات في المساجد، والجمعة يتكرر الاجتماع لأدائها كل أسبوع في الجوامع الكبار، والحج يتكرر الاجتماع لأدائه كل عام في المسجد الحرام والمشاعر، وهكذا كل اجتماع أكبر من الآخر - وكلما كان الاجتماع أكثر وأشق كان تكرره أقل دفعا للمشقة والحرج.
والحج وإن كان يؤدى في أيام معدودات كما قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [سورة البقرة آية 203] إلا أن الله سبحانه وسع وقت الإحرام به حيث يقول سبحان: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾[سورة البقرة آية 197] والمراد بهذه الأشهر - شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. فإذا أحرم بالحج في هذه الأشهر صح إحرامه من غير خلاف. وإذا أحرم به في غيرها فمحل خلاف - ليس من غرضنا الآن الدخول في تفاصيله - إلا أننا نقول إن المسلم إذا أحرم بالحج فله حالة تختلف عما قبل الإحرام، وإن كانت كل أحوال المسلم ينبغي أن تكون على الاستقامة والتقى والسداد، إلا أنه بإحرامه ينتقل إلى حال أفضل، فإن المحرم يمنع من مزاولة أشياء كانت مباحة له في غير حالة الإحرام من أمور الرفاهية والتوسع، فيتعين على المحرم تجنب المحرمات العامة والمحرمات الخاصة بالإحرام، ولهذا قال سبحانه: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [سورة البقرة آية 197].
ومعنى (فرض) أحرم، عبر عن الإحرام بالفرض لينبه على أن المحرم يجب عليه أداء النسك الذي أحرم به، ولا يجوز له رفضه، وإن كان هذا النسك قبل الإحرام به ليس بواجب عليه. . ثم نهى سبحانه عن تعاطي الأمور التي تتنافى مع الإحرام من الأقوال والأفعال فقال سبحانه: ﴿ فَلا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [سورة البقرة آية 197]. وجاء هذا النهي بصيغة النفي ليكون آكد وأبلغ في الابتعاد عن هذه الأمور.
والفسوق: جميع المعاصي فلا يجوز للمسلم فعلها في جميع الأحوال. ولكن نهي عنها المحرم خصوصا لأنها تؤثر على الإحرام، وإثمها فيه أشد، ولأن المفترض في المحرم أن يشتغل بالطاعات لا بضدها، ولأن الإحرام مظنة التوبة من المعاصي، فإذا فعلها المحرم دل على إصراره عليها وهذا ما يتنافى مع الغرض المطلوب من الإحرام، وقد فسر الفسوق بأنه فعل شيء من محظورات الإحرام. وفسر بأنه إتيان المعاصي في الحرم. وفسر بأنه السباب، وفسر بأنه الذبح للأصنام، ولا تنافي بين هذه التفاسير، فإن لفظ الفسوق يشملها كلها فهي من أفراد الفسوق، قال الإمام الشوكاني: ولا يخفى على عارف أن إطلاق اسم الفسوق على فرد من أفراد المعاصي لا يوجب اختصاصه به. انتهى. أقول: ومن أعظم الفسوق محاولة جعل موسم الحج وساحات المشاعر المقدسة مجالا للمهاترات والمظاهرات والهتافات والشعارات القومية وإحياء العنصريات الجاهلية والدعاية للأشخاص أو المذاهب أو رفع الصور للزعماء والرؤساء.
فإن هذا فعل أهل الجاهلية حيث كانوا يجعلون موسم الحج مجالا للمفاخرة بآبائهم وأمجادهم وغاراتهم وثاراتهم، فنهى الله عن ذلك وأمر بذكره قال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [سورة البقرة آية 200] قال الإمام الشوكاني: لأن العرب كانوا إذا فرغوا من حجهم يقفون عند الجمرة فيذكرون مفاخر آبائهم ومناقب أسلافهم، فأمرهم الله بذكره مكان ذلك الذكر. انتهى.
وأما الجدال فهو المخاصمة والمماراة والمنازعة وهو يشمل الجدال في موضع الحج كما كانوا في الجاهلية يختلفون في الموضع الذي يقفون فيه. فمنهم من يقف في عرفة ومنهم من يقف في المزدلفة ويشمل الجدال بمعنى المخاصمة التي توغر الصدور وتشغل عن ذكر الله، قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: وقوله: ﴿ فَلا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [سورة البقرة آية 197] أي يجب أن تعظموا الإحرام بالحج وخصوصا الواقع في أشهره، وتصونوه عن كل ما يفسده أو ينقصه من الرفث وهو الجماع ومقدماته والقولية، خصوصا عند النساء بحضرتهن.
والفسوق وهو جميع المعاصي ومنها محظورات الإحرام. والجدال وهو المماراة والمنازعة والمخاصمة لكونها تنشر الشر وتوقع العداوة، والمقصود من الحج الذل والانكسار لله والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مقارفة السيئات فإنه بذلك يكون مبرورا، والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء وإن كانت ممنوعة في كل زمان ومكان فإنه يتغلظ المنع منها في الحج. . انتهى.
وأقول: ويستثنى من الجدال ما كان لبيان حق أورد على باطل فإنه واجب في الحج وغيره لقوله تعالى: ﴿ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [سورة النحل آية 125] ثم لما نهى الله عن هذه الأشياء أمر بالاشتغال بالطاعة فقال: ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [سورة البقرة آية 197] فحثهم على حسن الكلام مكان الفحش، وعلى البر والتقوى مكان الفسوق والجدال، لأنه لا يتم فعل الأوامر إلا بترك المنهيات، ولما كان الحج يحتاج إلى سفر وتنقلات وذلك يحتاج إلى نفقة ومؤنة أمر سبحانه بالاستعداد لذلك بأخذ الزاد والنفقة التي تمون تلك الاحتياجات حتى لا يحتاج الإنسان إلى ما بيد غيره. فقال سبحانه: ﴿ وَتَزَوَّدُوا [سورة البقرة آية 197] وقد كان ناس يحجون بلا زاد ويقولون نحن المتوكلون فيصبحون عالة على غيرهم، فأمرهم الله بأخذ الزاد الذي يغنيهم، ولما أمر سبحانه باتخاذ الزاد الحسي لسفر الدنيا أمر باتخاذ الزاد المعنوي لسفر الآخرة فقال: ﴿ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [سورة البقرة آية 197] فمن ترك هذا الزاد انقطع عن الوصول إلى الجنة، وختم سبحانه الآية بقوله: ﴿ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ ﴾ [سورة البقرة آية 197] وهذا نداء عام لأصحاب العقول أن يتقوا الله في الحج وغيره.
ولقد أمر الله بأداء الحج والعمرة خالصين له فقال سبحانه: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [سورة البقرة آية 196] مما يدل على أن كل حج وعمرة لا يتوفر فيهما توحيد الله بالعبادة فليسا بمقبولين عند الله سبحانه وتعالى.
ومن مظاهر هذا التوحيد في الحج: رفع الأصوات بعد الإحرام بالتلبية لله، ونفي الشريك عنه، وإعلان انفراده بالحمد والنعمة والملك: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك) يرددها الحجاج بين كل فترة وأخرى حتى يشرعوا في أداء المناسك.
ومن مظاهر هذا التوحيد في الحج: أن أعظم الذكر الذي يقال في يوم عرفة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ). كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ) خير الدعاء دعاء عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (. فهذا إعلان في هذا المجمع العظيم وفي هذا اليوم المبارك لتوحيد الله بالعبادة من خلال النطق بهذه الكلمة وتكرارها لأجل أن يستشعر الحاج مدلولها ويعمل بمقتضاها؛ فيؤدي أعمال حجه خالصة لله عز وجل من جميع شوائب الشرك.
ومن مظاهر توحيد الله في الطواف بالبيت العتيق: أن الطائف حين يستلم الركن اليماني والحجر الأسود يعتقد أنه يستلمهما لأنهما من شعائر الله فهو يستلمهما طاعة لله واقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما استلم الحجر وقبله: والله إني لأعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر. ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. ومن هنا يعلم المسلم أنه لا يجوز التمسح بشيء من الأبنية والأحجار إلا بالركن اليماني والحجر الأسود، فلا يتمسح بجدران الأضرحة ولا بغيرها، لأن ذلك مخالف لشرع الله ولأنها ليست من شعائر الله.
ومن مظاهر توحيد الله في الحج: أن الحاج حينما يفرغ من الطواف ويصلي الركعتين فإنه يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون وفي الثانية يقرأ سورة الإخلاص، لما تشتمل عليه هاتان السورتان من توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، ففي السورة الأولى البراءة من دين المشركين وإفراد الله بالعبادة. وفي السورة الثانية إفراد الله بصفات الكمال وتنزيهه عن صفات النقص، وبذلك يعرف العبد ربه ويخلص له العبادة ويتبرأ من عبادة ما سواه من خلال هذا الدرس العملي العظيم.
ومن مظاهر توحيد الله في السعي بين الصفا والمروة: أن العبد يسعى بينهما امتثالا لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ﴾ [سورة البقرة آية 158].
ومن ذلك يتعلم المسلم أنه لا يحل السعي في أي مكان من الأرض إلا بين الصفا والمروة؛ لأنهما من شعائر الله وأن السعي بينهما إنما هو بأمر الله، فكل سعي في مكان غيرهما فليس عبادة لله، لأنه سعي بغير أمره وبغير شعائر.
ومن مظاهر توحيد الله في الحج: ما شرعه الله في يوم العيد وأيام التشريق. قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [سورة البقرة آية 203] وذكر الله في هذه الأيام يتجلى في الشعائر العظيمة التي تؤدى في أيام منى، من رمي الجمار، وذبح الهدي، وأداء الصلوات الخمس في هذا المشعر المبارك والأيام المباركة، كل هذه الأعمال ذكر لله عز وجل. فرمي الجمار ذكر لله، ولهذا يقول المسلم عند رمي كل حصاة: (الله أكبر )، وذبح الهدي ذكر لله عز وجل كما قال تعالى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [سورة الحج آية 28].
 وقال تعالى: ﴿ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾[سورة الحج آية 36 - 37] ومن هنا يتعلم المسلم أن الذبح عبادة لا يجوز صرفها لغير الله فلا يجوز أن يذبح لقبر ولا لولي أو أي مخلوق، لأن الذبح عبادة وصرف العبادة لغير الله شرك.
ومن مظاهر العبادة في الحج: أن الله أمر بذكره أثناء أداء مناسكه وبعد الفراغ منه ونهى عن ذكر غيره من الرؤساء والعظماء الأحياء والأموات، وعن المفاخرة في الأحساب والأنساب. فقال تعالى: ﴿ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [سورة البقرة الآيات 198-203] إن الحج ليس رحلة استطلاعية أو متعة ترفيهية أو مجرد مظاهر وشعارات، ولكنه دروس وعبر وتعليم عمل للعقيدة الصحيحة ونبذ للعقائد الجاهلية.
لقد شرع الله الاستغفار في ختام الحج وغيره من العبادات ليجبر ما يقع من نقص وخلل، قال تعالى:﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ كما شرع الله الاستغفار في ختام قيام الليل قال تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ فلنستغفر الله في ختام حجنا وفي ختام جميع أعمالنا وأعمارنا، لعل الله أن يغفر لنا خطايانا ويكفر عنا سيئاتنا. . وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.                     
                                                      






شارك:

لماذا أعفيتُ لحيتي وقَصّرت ثوبي؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لماذا أعفيتُ لحيتي وقَصّرت ثوبي؟


salaty-tv.blogspot.com




لأن إعفاء اللحية من الفطرة التي فطر الله سبحانه وتعالى الرجال عليها
والفطرة كما عرَّفها البيضاوي رحمه الله: ( هي السنة القديمة التي إختارها الأنبياء، واتفقت عليها الشرائع، فكأنها أمر جبلي ينطوون عليها ). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { عشرٌ من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وانتقاص الماء }. قال زكريا: قال مصعب: ونسيتُ العاشرة إلا أن تكون المضمضة. زاد قتيبة: قال وكيع: انتقاض الماء يعني الإستنجاء. [رواه مسلم].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ( البراجم جمع بُرجمة، وهي عُقد الأصابع التي في ظهر الكف ).
ولأن في إعفاء اللحية مخالفة للمشركين من أهل الكتاب والمجوس وغيرهم
وعلة المخالفة هذه لا تزال قائمة، فلا يزال المسلم يتميَّز بإعفاء لحيته، وإعفاء بعض المشركين للحاهم لا يعني إنتفاء علّة المخالفة، فقد كان مثل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك فقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: { خالفوا المشركين: وفِّروا اللحى، وأحفوا الشوارب } وفي رواية مسلم: { أوفوا اللحى }. وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{ قُصُّوا سِبالكم، ووفِّرُوا عثانينكم، وخالفوا أهل الكتاب }. [حسنه الألباني في الصحيحة].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: { وفرُِّوا } من التوفير وهو الإبقاء، أي: إتركوها وافرة، والسبال: جمع سَبلة، وهي الشارب، والعثانين: جمع عثُنون، وهي اللحية.
قال الشوكاني رحمه الله: ( قد حصل من مجموع الأحايث خمس روايات: { أعفوا، وأرخوا، وأوفوا، وأرجوا، ووفروا }، ومعناها كلها تركها على حالها ).
وقال النووي رحمه الله: ( معنى إعفاء اللحية إتركوها كاملة وافية لا تقصوها ولكن قد رخَّص بعض أهل العلم بأخذ ما زاد على القبضة لما رواه نافع: { كان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر قبض على لحيته فما فَضَلَ أخذه } [رواه البخاري]. هذا مع شدة تحري ابن عمر رحمه الله للسنة وتعلقه بها، وقد ثبت مثل هذا الفعل عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ( الذي يظهر أن ابن عمر لا يخص هذا التخصيص في النُسك، بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوَّه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه ).
وأعفيتُ لحيتي لأن في ذلك إمتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى
فهو تكليف ربّاني يُؤجر المسلم بفعله ويأثم بتركه، فقد جاء في حديث رسولي كسرى الطويل أنهما لمَّا دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حلقا لحاهما، وأعفايا شواربهما، فكرهَ النظر إليهما، ثم أقبل عليهما، فقال: { ويلكما من أَمركما بهذا؟ } قالا: أمرنا بهذا ربنا - يعنيان كسرى - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ولكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقصِّ شاربي } [صحيح السيرة].
فتأمل كيف أنه صلى الله عليه وسلم كره النظر إليهما لما رآهما على هذه الحال، وهذا يعكس بوضوح خروجهم عن الفطرة السليمة كما أسلفنا، وعن سلامة المظهر إلى حد بعيد، فكيف وبعد هذا أرضى لنفسي ملازمة ما فيه مخالفة لأمر الله سبحانه وتعالى، وأرضى كذلك أن ما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق هؤلاء من إعراضه عن النظر إليهم أن يكون في حقي يوم القيامة، معاذ الله !!
ولأن في حلق اللحية تغييراً لخلق الله سبحانه وتعالى بغير إذن منه عز وجل
وإنما بوحي وتزيين من الشيطان، يقول تعالى في حق الشيطان:  لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا  [النساء:118-120]. ومعنى:  فَلَيُبَتِّكُنَّ  أي يقطِّعُنَّ، ولا ريب أن في حلق اللحية تغييراً لخلق الله سبحانه وتعالى قد نهى الله عز وجل عنه، يفضي على ما هو أعظم وزراً وأشد حرمة من ذات الفعل، من التشبه بالنساء وتقمص خلقتهن، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: { لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال } [رواه البخاري].
يقول ابن القيم رحمه الله: ( وأما شعر اللحية ففيه منافع، منها الزينة والوقار والهيبة، ولهذا لا يُرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار ما يُرى على دوي اللحى، ومنها التمييز بين الرجال والنساء ).
قلتُ: وهل هناك أظهر من الوجه في الجنسين، فإذا لم يكن حلق اللحية داخل في التشبيه الصريح بقصد أو بغير قصد فما هو التشبه؟!
وأعفيتها لأن في إعفائها موافقة لسمت الأنبياء والصالحين وهديهم
إقرأ إن شئت قوله تعالى مخبراً عما قاله هارون لأخيه موسى عليهما السلام:  يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي  [طه:94]. فهذا يدلُّ على أن هارون عليه السلام كان عظيم اللحية. وما رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثير شعر اللحية، وكذا كان الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، كما بيَّنته كتب التراجم والسير، والرجال الذين أخذوا كنوز كسرى وقيصر، ودانت لهم مشارق الأرض ومغاربها ليس فيهم حالق كما يقول الشنقيطي رحمه الله.
قلتُ: وانظر إلى كثير من الأحبار والرهبان كيف ورثوا هذا الفعل ممن ينسبون أنفسهم إليهم، فكان هذا من الحق الذي ورثوه غير محرَّف، ألسنا أولى بهذا من المشركين بدلاً من التشبه بمن لا خلاق لهم ولا دين؟!
أما عن تقصيري لثوبي، فتلك صفة المؤمن كما أخبر بذلك رسول الله  صلى الله عليه وسلم حيث قال: { إزرةُ المؤمن على نصف الساق } ثم قال بعد ذلك: { ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين } [رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني ]. ومعنى قوله: { لا جناح } أي: لا إثم.
وفي تقصيره تقوى الله سبحان وتعالى، وبُعدًا عن أسباب الكِبر التي قد تُفضي إلى غضب ا لله ومقته، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة } فقال أبو بكر: إن أحد شِقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، قال: { إنك لست ممن يفعل ذلك خّيلاء } [وراه البخاري].
والشاهد من هذا الحديث أن أبا بكر رضي الله عنه كان يتعاهد إزاره، والذي يفعل هذا يكون أبعد الناس عن الكِبر وإلا لما تعاهده، وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يتعمد أحدٌ منهم إرخاء ثوبه زاعماً أنه لا يطيله خيلاء، بل الإصرار على إطالة الثوب دالة على التكبر كما يقول ابن العربي رحمه الله، وإلا فما الذي يمنع من رفعه إلى ما فوق الكعبين بقليل، لأجل هذا بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإسبال من المخيلة كما في حديث جابر بن سليم الطويل وفيه: { وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيتَ فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة } [رواه الترمذي وصححه].
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: ( فجعل الإسبال كله من المخيلة ؛ لأنه في الغالب لا يكون إلا كذلك، ومن لم يُسبل للخيلاء فعمله وسيلة لذلك، والوسائل لها حكم الغايات ). فرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم يقصرون ثيابهم و يتعاهدونها عند إسترخائها، وأنا أطيل ثيابي زاعماً أن ما قد يعتريها لا يعتريني، معاذ الله أن أفعل ذلك، فلا أنجى ممن يتَّهم نفسه، ولي في رسول الله  صلى الله عليه وسلموأصحابه أسوة حسنة.
وفي تقصير الثوب صيانة له من الوسخ والنجاسات
ورحم الله عمر بن الخطاب  رضي الله عنهفقد كان يحتضر وعندما رأى شاباً ممن جاءوا يعودونه وقد كان إزاره يمسُّ الأرض فقال له: { إرفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربّك } [رواه البخاري]. وهذا يدلك على أهميه هذا الشأن عند المتقين، فالذي يسمع هذا من عمر ويقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار }. وحديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلمقال: { ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، مَن هم يا رسول الله؟ قال المُسبل والمنّان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب } [رواه مسلم].
إن الذي يقرأ هذه الأحاديث ينبغي عليه أن يخشى الله عز وجل ولا يطيل ثيابه إلى ما أسفل من الكعبين، فإن ذلك إن لم يكن بقصد الخيلاء فقد يكون وسيلة إليه، لأجل هذا أعفيتُ لحيتي وقصَّرتُ ثوبي.
وأسأل الله سبحانه وتعالى الثبات على طاعته ولزوم أمره لي ولجميع المسلمين، والحمد لله رب العالمين.
شارك:

سُئِل حكيم , لماذا تبكي النساء بدون سبب احيانا؟

فأجاب: عندما خلق الله المرأة

جعل لها [ أكتافاً قوية جداً ]

... لتحمل عليها أحمال العالم ..


salaty-tv.blogspot.com




وجعل لها [
ذراعين ناعمتين وحنونتين ]

لتعطي الراحة ..

وأعطاها [
قوة داخلية ]


لتحتمل ولادة الأطفال .. 

وتحتمل رفضهم لها عندما يكبرون ..

وأعطاها [
صلابة ]

لتحتمل أعباء أسرتها وتعتني بهم .. وتبقى صامدة في أصعب

 الظروف ودون تذمر

 ..
وعندما يفشل الجميع وييأسون تبقى أيضاً صامتة ..


وأعطاها [
محبة أطفالها لاتنتهي ولاتتغير ]


حتى لو عادوا اليها وسببوا لها الألم ..



وأعطاها [
قلباً مُحباً لزوجها ]


لتعتني به ..


قلباً ينسى الإساءة .. لأنها خلقت من ضلعه.

الأعوج القريب من قلبه ..


واعطاها [
حكمة ]

لتقتنع انها متزوجة من زوج طيب .. لاسيما عندما يمر البيت 

بأزمات صعبة ..

أخيرا ,,

أعطاها [
الدموع ]

لتذرفها عند الحاجة فترمي أحمال هذه المسؤولية الكبيرة .. 

وتستطيع أن تواصل الرحلة 

..
وهكذا تستمد قوتها من دموعها لتستمر مرة اخرى

سبحانك يارب
شارك:

خاطرة حول الفرق بين التافه والناجح

إذا مرَّ القطار وسمعت جلبة لإحدى عرباته فاعلم أنها فارغة،

وإذا سمعت تاجراً يحرّج 

على بضاعته وينادي عليها فاعلم أنها كاسدة، فكل فارغ من البشر والأشياء له

 جلبة وصوت وصراخ، أما العاملون المثابرون فهم في سكون ووقار؛

 لأنهم مشغولون ببناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح

إن سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة،







 أما الفارغة فإنها في مهب الريح لخفتها وطيشها،

 وفي الناس أناس فارغون مفلسون أصفار رسبوا في مدرسة الحياة،

 وأخفقوا في حقول المعرفة والإبداع والإنتاج فاشتغلوا بتشويه أعمال الناجحين،

 فهم كالطفل الأرعن الذي أتى إلى لوحة رسّام هائمة بالحسن، 

ناطقة بالجمال فشطب محاسنها وأذهب روعتها.

وهؤلاء الأغبياء الكسالى التافهون مشاريعهم كلام، وحججهم صراخ،

 وأدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقباً مميّزاً ولا وصفاً جميلاً،

 فليس بأديب ولا خطيب ولا كاتب ولا مهندس ولا تاجر

ولا يُذكر مع الموظفين الرواد،

 ولا مع العلماء الأفذاذ، ولا مع الصالحين الأبرار، ولا مع الكرماء الأجواد،

 بل هو صفر على يسار الرقم، يعيش بلا هدف، ويمضي بلا تخطيط، 

ويسير بلا همة، ليس له أعمال تُنقد، 

فهو جالس على الأرض والجالس على الأرض لا يسقط، لا يُمدح بشيء،

 لأنه خال من الفضائل، ولا يُسب لأنه ليس له حسّاد 

وفي كتب الأدب أن شاباً خاملاً فاشلاً قال لأبيه:

 يا أبي أنا لا يمدحني أحد ولا يسبني أحد مثل فلان فما السبب؟ 

فقال أبوه: لأنك ثور في مسلاخ إنسان.

إن الفارغ البليد يجد لذة في تحطيم أعمال الناس ويحس بمتعة 

في تمريغ كرامة الرّواد،

 لأنه عجز عن مجاراتهم ففرح بتهميش إبداعهم،

 ولهذا تجد العامل المثابر النشيط منغمساً 

في إتقان عمله وتجويد إنتاجه ليس عنده وقت لتشريح

جثث الآخرين ولا بعثرة قبورهم، 

فهو منهمك في بناء مجده ونسج ثياب فضله،

 إن النخلة باسقة الطول دائمة الخضرة حلوة الطلع كثيرة المنافع، 

ولهذا إذا رماها سفيه بحجر عادت عليه تمراً،

 أما الحنظلة فإنها عقيمة الثمر، مشؤومة الطلع، مرة الطعم،.

إن السيف يقص العظام وهو صامت، والطبل يملأ الفضاء وهو أجوف،

 إن علينا أن نصلح أنفسنا ونتقن أعمالنا،

 وليس علينا حساب الناس والرقابة على أفكارهم والحكم على 

ضمائرهم، الله يحاسبهم والله وحده يعلم سرّهم وعلانيتهم، ولو كنا راشدين بدرجة

 كافية لما أصبح عندنا فراغ في الوقت نذهبه في

كسر عظام الناس ونشر غسيلهم وتمزيق أكفانهم 

التافهون وحدهم هم المنشغلون بالناس كالذباب يبحث عن الجرح،

 أما الخيّرون فأعمالهم الجليلة أشغلتهم عن توافه الأمور

 كالنحل مشغول برحيق الزهر يحوّله عسلاً فيه شفاء للناس، 

إن الخيول المضمرة عند السباق لا تنصت لأصوات الجمهور، 

لأنها لو فعلت ذلك لفشلت في سباقها وخسرت فوزها.

اعمل واجتهد وأتقن ولا تصغ لمثبّط أو حاسد أو فارغ؛ هبطت بعوضة على نخلة،


 فلما أرادت أن تطير قالت للنخلة: تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير،

 فقالت النخلة للبعوضة: 

والله ما شعرت بك يوم وقعت فكيف أشعر بك إذا طرتِ؟! 

تدخل الشاحنات الكبرى عليها الحديد والجسور وقد كتبوا عليها عبارة:

 خطر ممنوع الاقتراب، فتبتعد التكاسي والسياكل ولسان حالها ينادي:

 (لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)

الأسد لا يأكل الميتة، والنمر لا يهجم على المرأة لعزة النفس وكمال الهمة،

 أما الصراصير والجعلان فعملها في القمامة وإبداعها في الزبالة.  
شارك:
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

تلاوات خاشعة لمختلف القراء

أرشيف المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة