محمد صديق المنشاوي

9

ما مضى قد فات

تذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاره، والحزن لمآسيه حمق وجنون، وقتل 

للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. إن ملف الماضي

عند العقلاء يطوي ولا يروي، يغلق 



عليه أبدا في زنزانة النسيان، يقيد بحبال قويه في سجن الإهمال فلا يخرج أبدا، 

ويوصد عليه فلا يري النور، لأنة مضى وانتهى، لا الحزن يعيده، ولا الهم يصلحه،

 ولا الغم يصححه، لا الكدر يحييه، لأنه عدم، لا تعش في كابوس الماضي وتحت 

مظله الفائت، أنقذ نفسك من شبح الماضي، أتريد أن ترد النهر إلى مصبه،

والشمس إلى مطلعها، والطفل إلى بطن أمه، والدمعة إلى العين، إنك بتفاعلك مع 

الماضي، وقلقك منه واحتراقك بناره، وانطراحك

على اعتابه وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع.

القراءة في دفتر الماضي ضياع للحاضر، وتمزيق للجهد، ونسف للساعة الراهنة،

 ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال: "تلك أمة قد خلت" انتهي الأمر وانقضي، ولا طائل 

من تشريح جثه الزمان، وإعادة عجلة التاريخ. إن الذي يعود للماضي، كالذي يطحن

 الطحين وهو مطحون اصلا، وكالذي ينشر نشارة الخشب، ولئن اجتمعت الإنس 

والجن على إعادة ما مضي لما استطاعوا، لأن هذا هو المحال بعينه.

إن الناس لا ينظرون للوراء ولا يلتفتون الي الخلف، لأن الريح تتجه إلى الأمام، 

والماء ينحدر إلى الأمام، والقافله تسير الي الامام، فلا تخالف سنة الحياة.

واعلموا أنه لا شيئ بالحياة يتغير بل نحن من يتغير.
شارك:
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

تلاوات خاشعة لمختلف القراء

أرشيف المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة